خلال لقائهما في الإمارات
توافق حفتر والسراج .. الشيطان ما زال كامنا في التفاصيل
من القاهرة إلى أبو ظبي لم تختلف الخطوط العريضة كثيرا التي قيل إنها نقاط اتفاق بين قطبي الصراع الليبي فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني وخليفة حفتر قائد عملية الكرامة، ولكن الملفت هذه المرة أن الإمارات نجحت أن تجلس المتقاتلين سويا، وهو ما لم يتحقق في القاهرة.
دائما الخطوط العريضة لا محل جدال حولها ولكن تبقى التفاصيل هي المشكلة مثل وضع حفتر وقيادة الجيش ومن يكون له اليد العليا على الآخر ومصير الاتفاق السياسي بالصخيرات 2015 ومثل هذه الأمور.
وفي بيان مشترك صادر عن السراج وحفتر أعقبه آخر من حكومة الوفاق أُعلِن اتفاق الجانبين على تخفيف حدة التوتر والعمل سويا لإنهاء الأزمة السياسية، و مكافحة الإرهاب، والحفاظ على مبادئ ثورة 17 فبراير، وبناء جيش ليبي قوي وموحد ينضوي تحت السلطة السياسية، و الحد من انتشار التشكيلات المسلحة وتنظيم حمل السلاح وحماية الجيش.
وبحسب تقارير إعلامية قد تم الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية ووبرلمانية بعد 6 أشهر من الاتفاق وتشكيل هيكل جديد اسمه "مجلس رئاسة الدولة" الليبية.
وانهالت الإشادات الدولية على اللقاء الذي اعتبر خطوة في سبيل حل الأزمة التي تهدد استقرار ليبيا ووحدته، فرحبت الأمم المتحدة باللقاء الذي يعقد لأول مرة منذ عام.
وأثنت دولة الإمارات على ما قالت أنه تقدم ملموس وأجواء إيجابية بين أقطاب الأزمة الليبية وفق بيان صادر عن الخارجية الإماراتية.
لقاء القاهرة
لقاء السراج وحفتر في الإمارات جاء بعد أكثر من شهرين من حضورهما لمصر لتقريب وجهات النظر بينهما وجاء الإعلان حينها عن تفاصيل المشاورات من جانب المتحدث العسكري المصري العقيد أركان حرب تامر الرفاعي باتفاق أطراف الصراع على حقن الدماء الليبية ووحدة الأرض الليبية ووقف تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية والخدمية.
وكذلك إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في موعد أقصاه فبراير 2018 بجانب مراجعة تشكيل وصلاحيات المجلس الرئاسي، ومنصب القائد الأعلى للجيش الليبي واختصاصاته، وتوسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة.
"يضاف على ذلك إجراء تعديلات دستورية لتضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري بلمسات البرلمان، وتشكيل لجنة مشتركة من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وبحد أقصى خمسة عشر عضواً عن كل مجلس".
نتائج عكسية
لم يتحقق أي شيء من هذه البنود التي قيل أن السراج وحفتر اتفقا على تنفيذها ورحلا دون لقاء بالقاهرة، بل أعقب هذا اللقاء بأيام اشتباكات بين ميليشيات يشار لتبيعتها لحكومة الوفاق الوطني، وقوات خليفة حفتر، حين أرادت الأولى أن تسترد بعض الموانئ النفطية التي سيطر عليها حفتر عنوة في سبتمبر 2016 ولكن حفتر كما حسم المعركة الأولى لصالحه حسم الثانية.
عبدالباسط بن هامل المحلل السياسي الليبي رأى أن لقاء الإمارات شهد تفاهمات حقيقية بين الرجلين اللذين لم يلتقيا منذ فترة، وكان هناك تقديم لبعض التنازلات.
تفاهمات
وأفاد في حديثه لـ"مصرالعربية" أن ما يعلن قد يكون أكثر مما يعلن، لذلك لا يجب استباق الأحداث، ولكن ما وصل للجميع أن اللقاء حقق الحد الأدنى من التفاهمات.
ونوه إلى أن الليبيين ليس لديهم رفاهية الوقت لتحمل مزيدا من الدمار والخراب خاصة في ظل التدهور المعيشي والاقتصادي، وإن كان مثل هذه التوافقات تحتاج لكثير من الوقت نظرا لتعقيداتها المتعددة، فالليبيون في أمس الحاجة لقطع الطريق والوقت للوصول لحل عاجل.
غير كافية
وذكر بن هامل أن اللقاء شهد بعض النقاط الإيجابية حقيقة ولكنها لا تكفي لحل الأزمة السياسية بأكملها، ولكن يمكن اعتبارها حجر الأساس الذي يمكن البناء عليه.
وأكد المحلل السياسي الليبي أن لقاءات ستحدث في الفترة المقبلة بين طرفي الصراع.
اللقاء مكسب
من جانبه رأى الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة أن اللقاء بين الطرفين وجها لوجه في حد ذاته هو مكسب، ملمحا إلى أن كل طرف منهم يحتاج العودة لفريقه لبحث ما تم مناقشته حتى يتوافقوا عليه أو يرفضوه.
وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية" أن كل طرف سيناقش أيضا القوى الدولية التي تدعمه قبل اتخاذ أي قرار أو المضي قدما في أي سبيل، مشيرا إلى أن مصر سيكون لها دور وكذلك فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة.
وتابع:" هناك دول كبيرة مهتمة بليبيا لم تستشر بعد، ولابد من معرفة موقفها قبل أي اتفاق"، مشددا على أن الاتفاقات حتى ليس شرطا أن يعلن عنها فور حدوثها فهناك عوامل تحكمها مثل توقيت إعلانها وترتيب بعض الأوضاع الداخلية وظروف اللاعبين الدوليين.
عصا المال
ورأى أستاذ العلاقات الدولية أن الإمارات نجحت في دفع الطرفين للقاء وجها لوجه لما تملك من تأثير بالمال ولاهتمامها الكبير بالشأن العربي، منبها أن المملكة العربية السعودية لو لم تكن منهكة في حرب اليمن لصار لها شأن آخر في القضية الليبية وغيرها من القضايا العربية.
ويسطر المشير خليفة حفتر على معسكر الشرق مع برلمان طبرق، بينما يسيطر فايز السراج على معسكر الغرب ويتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لحكومته، ويشهد المعسكر الشرقي استقرارا أوسع تحت قبضة حفتر، بخلاف السراج الذي يعاني اضطرابات عديدة في محل سيطرته.
ونجح حفتر في السيطرة على الكثير من آبار النفط، ليكمل ذلك بالتحكم في الموانئ النفطية بعد أن انتزع سيطرتها من قبضة ميليشيا حرس المنشآت المؤيدة لحكومة الوفاق في سبتمبر من العام الماضي، بينما يعد النجاح الوحيد لحكومة الوفاق هي طرد تنظيم داعش من معقله في مدينة سرت بعد بضعة أشهر من إطلاق عملية البنيان المرصوص.